منتدى ثانوية سيدي عباز
أهلا عزيزي الزائر
إذا كانت هذه أول زيارة لك يرجوا التسجيل من سيادتك


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى ثانوية سيدي عباز
أهلا عزيزي الزائر
إذا كانت هذه أول زيارة لك يرجوا التسجيل من سيادتك
منتدى ثانوية سيدي عباز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نظرة في المشروعية -لطلاب الحقوق-

اذهب الى الأسفل

نظرة في المشروعية  -لطلاب الحقوق- Empty نظرة في المشروعية -لطلاب الحقوق-

مُساهمة من طرف bahisaid الثلاثاء 12 يونيو - 14:19

نظرة في المشروعية
مـقـــدمـة
ناضل الإنسان ضد القهر والظلم للوصول إلى حياة تسودها الحرية والمساواة. وقد نجحت الشعوب إلى الوصول إلى الهدف الذي كانت تصبوا إليه، وسجلت انتصارات هامه، والبعض الآخر من الشعوب في طريقه إلى ذلك النصر المنشود. وجاءت فكرة العقد الاجتماعي كي ترسخ هذا الانتصار للشعوب في مقابل هزيمة السلطة المطلقة للملوك والحكام آنذاك، وولدت فكرة الدستور كتثبيت لبنود العقد الاجتماعي الذي تم فيما بين الشعوب من جهة والحكام من جهةٍ أخرى. وقد حملت هذه الدساتير منذ لحظة ولادتها الأولى معانٍ سامية كثيرة منها الحرية والعدل والمساواة بين الناس...الخ.
بناءً على ما سبق، فقد شهد العصر الحالي ولادة مبدأ قانوني يعرف بـ (دولة القانون) فهي الدولة التي يسود فيها حكم القانون على الكافة، حكاماً ومحكومين، وقد اقترن اسم مثل هذه الدول بالقانون تمييزاً لها عن الدول التي لا حكم للقانون فيها والتي تعرف بالدول البوليسية أو الدول الاستبدادية.
إذن، فدولة القانون ببساطة، هي الدولة التي يسود فيها حكم القانون على الكافة، وبالتالي يطبق المبدأ القانوني المهم في مجال القانون الدستوري والقانون الإداري ألا وهو (مبدأ سيادة القانون). ومبدأ سيادة القانون يقترب من مبدأ قانوني آخر وهو مبدأ المشروعية الذي سنتناوله بالبحث.
على ذلك، فقد قسم البحث إلى مبحثين، الأول سنحاول أن نبين لمحة تاريخية عن مبدأ الخضوع للقانون بشكل عام، ثم نحاول أن نبين ونميز مفهوم مبدأ المشروعية عن غيره من المبادئ التي تعني فيما تعنيه الخضوع للقانون.
أما في المبحث الثاني، سنحاول أن نميز مفهوم المشروعية عن مفهوم الشرعية، ثم مفهوم المشروعية في الفكر الشيوعي كذلك نحاول تبيان مصادر المشروعية.
المبحث الأول : لمحة تاريخية عن المبدأ
شكلت مسألة استحواذ الحكام على السلطة المطلقة مشكلة في الفكر القانوني والسياسي على السواء لقرون عديدة، فمنذ أيام الفلاسفة اليونانيين، كانت هناك فكرة سائدة هي أن القانون يعد الوسيلة الأهم في إخضاع سلطة الحكام المطلقة للسيطرة، وتجسيداً لهذه الفكرة، أطلق أرسطو مقولة أن حكم القانون أعلى مرتبةً من حكم الأفراد.
وقد تطورت الأسس القانونية للدولة بشكل كبير على يد رجال القانون الرومان، حيث لم يتم التخلي عن فكرة أن القانون يقع على قدم المساواة مع الدولة ككيان تنظيمي، ولا يعتمد القانون على الدولة في وجوده مطلقاً, هذا ما جاء في كتابات (جيرك) في القرون الوسطى للرومان، وقد كانت آنذاك قد ظهرت نظرية القانون الطبيعي الذي يحكم العالم.
وفي القرن الثالث عشر، نجد في كتابات (براكتون) فكرة أن الحكام يخضعون لله وللقانون طالما أن القانون هو الذي يصنعهم.
كذلك، في لائحة الحقوق الإنكليزية لعام 1689 أكدت أن الملكية في بريطانيا خاضعة للقانون، ليس لأن التاج البريطاني كان يحكم من خلال البرلمان فحسب، بل لأن حق الأفراد في أن يكونوا أحراراً في علاقاتهم الخاصة بعضهم ببعض قد أسس في المجتمع أيضاً.
مفهومالمبدأ
سيادة القانون تعني أن القاعدة القانونية تأتى فوق إرادات الإفراد جميعاً حاكمين أو محكومين وتلزمهم جميعا بإتباع أحكامها. . فإن لم يلتزموا – خاصة الحكام – بالقاعدة القانونية انقلب تصرفهم المخالف للقانون إلى تصرف غير قانوني وغير مشروع. وإذا كان خروج الحكام علي القانون يمثل النمط العام كما هو الحال في كثير من بلاد العالم الثالث انقلبت الدولة من أن تكون دولة قانونية إلى دولة فعلية غير قانونية.
لقد عرف فقهاء القانون المبدأ بأشكال عدة، إلا أن التعريف الذي أعطاه (دايسي) في مؤلفه القانون الدستوري الصادر سنة1885، كان الأكثر شهرة وتأثيراً.
ونجد دايسي يحدد لمصطلح حكم القانون (مبدأ سيادة القانون) ثلاثة مفاهيم، الأول: السيادة المطلقة للقانون العادي، الذي تطبقه (المحاكم العادية)، الثاني: المساواة أمام القانون، وهذا يعني خضوع جميع الطبقات، لقانون البلاد العادي، الذي تطبقه المحاكم العادية، وينبني عليه، بأنه لا يوجد إنسان فوق القانون، ويطبق على عامة الناس كما يطبق على الموظفين، فالخضوع للقانون واجب على الجميع، ومن وجهة نظر (دايسي) أيضاً أن القانون البوليسي، ليس قانوناً فالحرية تستلزم نظاماً قانونياً يحمي الحريات الأساسية.
أما المفهوم الثالث، أن الدستور المكتوب أو غير المكتوب ليس هو مصدر حقوق الأفراد بل هو نتيجة هذه الحقوق.
وقد طرأت في بريطانيا أمور كثيرة في نطاق القانون الدستوري، منذ أن وضع (دايسي) تعريفه لمبدأ سيادة القانون وأستقر هذا الاصطلاح على الناصر الآتية:
.1 غياب السلطة التعسفية.
2. مراقبة البرلمان الفعالة للتشريعات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض منهم.
3. تحديد أسلوب ممارسة السلطة التقديرية في الحالات التي تعطى فيها جهة حكومية حق ممارسة سلطة تقديرية.
4. إن كل شخص مسئول أمام القانون العادي، سواء كان موظفاً أو مواطناً عادياً.
5. يجب الفصل في الحقوق الخاصة من قبل محاكم محايدة ومستقلة.
6. يحمي القانون العادي الحريات الفردية الأساسية.
أما دولة المؤسسات هي تلك الدولة التي تنشأ السلطات فيها وفقاً لقواعد قانونية سابقة تحدد كيفية إسناد السلطة إلى فرد أو أفراد معينين. ثم تحدد القواعد القانونية بعد ذلك اختصاصات كل فرد أو مجموعة من الأفراد أو وجهة من الجهات أو هيئة من الهيئات تحديداً واضحاً بحيث يكون التصرف داخل هذه الاختصاصات قانونياً ومشروعاً ويكون التصرف خارج هذه الاختصاصات غير قانونياً وغير مشروع. وهكذا يتضح ويتحدد مبدأ المشروعية ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بفكرة دولة المؤسسات وفكرة الاختصاصات الذي يحدده القانون، وبالنسبة لمبدأ المشروعية،هو صفة كل ما هو مطابق للقانون، وقد عرف الفقيه (فيدل) المشروعية بأنهSadاحترام أحكام القانون وسريانه على الحاكم والمحكوم فالقانون يجب أن يحكم الأفراد ليس في علاقاتهم ببعضهم فحسب بل وعلاقاتهم بالسلطات الحاكمة بالدولة).
أما الفقه العربي، فقد عرّف من جانبه المشروعية تعار يف عدة منها الآتي: عرف د. محمود حافظ المبدأ بأنه: (يقصد بمبدأ المشروعية، مبدأ الخضوع للقانون). كما عرّفه د. سليمان الطماوي بأنه(سيادة حكم القانون).
ويترتب على الأخذ بهذا المبدأ التزام الإدارة في جميع تصرفاتها الحدود المرسومة لها في مجموعة القواعد القانونية المقررة في الدولة، وممارسة نشاطها في نطاق هذه القواعد.
ومن نافلة القول، أن دول العالم لم تتفق على استعمال مصطلح واحد لمبدأ سيادة القانون، فالدول العربية تستعمل مصطلح سيادة القانون، أو حكم القانون. أما في فرنسا فقد تردد رجال القانون في اختيار الاصطلاح المرادف لاصطلاح (حكم القانون) وذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي المعاهدة الأوربية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، حيث أنه وفي بادئ الأمر تم استعمال اصطلاح (نظام حقوق) ثم اصطلاح (تفوق القانون)، ثم اصطلاح (قاعدة القانون)،إلى أن انتهى الأمر بالفرنسيين إلى العودة إلى الاصطلاح القديم لديهم، ألا وهو (مبدأ المشروعية) حيث أصبح المرادف لمبدأ حكم القانون أو(سيادة القانون).
بناءً على ما ذكرناه، فإن أغلب الفقه لا يميز بين مصطلح المشروعية من جهة، ومصطلح سيادة القانون من جهة أخرى، بيد أن الفرق ما بين المصطلحين دقيق جداً، يمكن أن يتضح إذا ما قلنا أن مبدأ سيادة القانون يعني الدولة القانونية، الدولة التي تخضع للقانون بجميع أشخاصها ومؤسساتها، ليس هذا فحسب بل أن الدولة تكون مسئولة عن تصرفاتها تجاه الأفراد عند الإضرار بالمصالح الخاصة.بعبارة أخرى، أن مبدأ سيادة القانون مفهوم كلي، فهو منظومة العلاقات والقواعد والمؤسسات التي بالنتيجة تؤدي إلى خضوع الأفراد والحكام للقانون.
أما المشروعية، فهو مبدأ يتعلق برقابة هيئات الدولة_ أثناء عملها_ لحدود اختصاصاتها، فالمشروعية، لها مدلولٌ فني أو تقني _ إن جاز التعبير _ فهو مبدأ يتعلق بالجانب العملي، أي برقابة مطابقة عمل الهيئات في الدولة مع القانون، ضمن الهرم القانوني للقواعد القانونية في الدول أو التدرج في القواعد القانونية من حيث قوتها الملزمة.
ويذهب الأستاذان (بارتلمي) و(دويز) في مؤلفهما عن القانون الدستوري إلى أن مبدأ المشروعية يعني سيطرة القانون وإعلان علوه وسموه وانتهاء فكرة عدم خضوع السلطة للقانون ذلك أن خضوع السلطة للقانون وفرض احترام القاعدة القانونية علي من إصدار تلك القاعدة طالما لم يلحقها تعديل هو جوهر فكرة المشروعية.
وبالرغم من ذلك الفرق ما بين المصطلحين، فإن الربط فيما بينهما موجود، يأتي غالباً عند الكلام عن الدولة القانونية.
المبحث الثاني :المشروعية والشرعية
يتردد كثيراً استعمال مصطلحين في مجال القانون الدستوري، هما المشروعية والشرعية. والحقيقة، أن لكلا المبدأين مفهوماً خاصاً يختلف عن الآخر.
فالشرعية يمكن تعريفها بأنها: اعتقاد الأفراد أن حكومةً ما بشكلها وطريقة ممارستها للسلطة تعبر عن الفكرة القانونية السائدة.
فالشرعية، هي إذن، فكرة تسود لدى الأفراد حول طريقة ممارسة السلطة من جانب، وشكل الحكومة من جانب آخر، وبذلك تتعدد الشرعيات، هناك الشرعية الملكية، والشرعية الجمهورية، أو الشرعية العلمانية، أو الشرعية الدينية_ هذا إذا نظرنا إلى الجانب الآيديلوجي للسلطة الحاكمة، وأنواع أخرى متعددة من الشرعيات.
ومادام أن الشرعية هي فكرة سائدة أو اعتقاد لدى الأفراد، فيمكن أن يكون هذا الاعتقاد نسبي، بمعنى، أنه قابل للتغير بتغير الزمان وتغير المكان، فما هو شرعي في زمن من الأزمان لدى الأفراد قد لا يكون كذلك مستقبلاً، وما هو شرعي هنا، قد لا يكون كذلك في دولة أخرى، هذا طبعاً يعتمد على الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقد تكون السياسية لكل مجتمع.
أما عناصر الشرعية فثلاث، العنصر الشخصي، وهو المتعلق بشخص زعامة الدولة، والقدر الذي تحمله من إعجاب الأفراد بها واحترامهم لها، هذا يعتمد أساساً على قدرة هذه الشخصية من كسب إعجاب الأفراد عن طريق التصرفات الشخصية لشخص الحاكم، أو عن طريق وسائل الإعلام التي تسلط الضوء على المزايا الايجابية لهذه الشخصية.
والعنصر الثاني، هو العنصر الأيديولوجي، الذي يتعلق بالأفكار والمعتقدات التي تتبناها السلطة السياسية في الدولة والتي تسعى _ على حد تصريحاتها_ إلى ترجمتها إلى واقع ملموس وسياسة محسوسة بعدما كانت قبل ذلك شعارات. بناءً على ذلك هناك الفلسفة أو الأيديولوجية الثيوقراطية، والايديلوجية العلمانية، أو الإيديولوجية الرأسمالية أو الاشتراكية...الخ.
أما العنصر الثالث، فهو العنصر البنيوي، وهو أن تكون هناك مؤسسات سياسية في الدولة ناتجة عن ممارسة الأفراد للديمقراطية. فبدون وجود هذه المؤسسات، كل ما تصرح به السلطة يكون للأغراض الدعائية.
بناءً على ما قيل في الشرعية أعلاه، فإنها تختلف عن المشروعية، ذلك أن الشرعية فكرة تتعلق بالسلطة السياسية ومدى رضا الأفراد عن مصدرها أو طريقة ممارستها، فهي إذن، فكرة سياسية أكثر من كونها قانونية. أما المشروعية، فهي فكرة قانونية تتعلق بمطابقة أعمال هيئات الدولة العامة مع القانون.
ومن جانب آخر، الشرعية فكرة نسبية غير ثابتة تتغير بمرور الزمان وباختلاف المكان، أما المشروعية فهي فكرة قانونية تتسم بالثبات والاستقرار بغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان، فالهرم المتدرج لقواعد القانون_ الذي تعمل المشروعية على الحفاظ عليه_ غير قابل للتبديل والتغيير، ولو أن هذا الهرم قد طرأ عليه التغيير بسببٍ من الحكام، كأن يحتل التشريع العادي أو القرار الإداري قمة الهرم بدل قواعد الدستور المفترض سموها على غيرها، فإن ذلك يبقى حالة شاذة بشذوذ الأنظمة الديكتاتورية الشمولية.
إذا طرحنا سؤالاً حول المشروعية، من حيث مفهومها، هل يختلف مفهومها باختلاف الفلسفة التي تتبناها الدول لاسيما الفلسفة الاشتراكية ثم الشيوعية أو الفلسفة الليبرالية؟
المشروعيةالاشتراكية
نجد أن مبدأ المشروعية في دول النظام الاشتراكي، كالدولة، ذات صفة مؤقتة، حيث أن الدولة والقانون وفقاً للنظرية الشيوعية يمثل مرحلةً مؤقتة في سبيل الوصول إلى الدولة الشيوعية حيث هناك، لا وجود للقانون ولا للدولة، ومادام أن القانون غير موجود، طبعاً لن يكون هناك مجال لوجود المشروعية.
أما مفهوم المشروعية الاشتراكية، فهو خضوع المجتمع المطلق للقانون والانضباط في العمل، مادام أن المجتمع لم يصل بعد إلى مرحلة الشيوعية، فبالانسياق والخضوع الكامل للنظام القانوني الاشتراكي يتعاون المواطنون مع مؤسسات الحكومة ويعجلون في الوصول إلى الشيوعية. والمشروعية يجب أن تكون اشتراكية، لأن الماركسيون يحاربون القانون القديم لأنه يخدم مصالح فئة حاكمة مستغلة، فهو قانون غير عادل، لذلك لا يصح عزل القانون عن الاقتصاد، فالمشروعية لا مبرر لها إلا في نظام اقتصاد اشتراكي يستجيب لمتطلبات النظام.
إذن، فالمشروعية الاشتراكية، كما هو واضح تعني الخضوع للقانون، فالمشروعية تعني سيادة القانون، بيد أن هناك ثمة فروق بين المفهومين في الفكر الشيوعي والليبرالي منها: القانون في المجتمعات الاشتراكية يحوي مفهوماً يختلف عن المفهوم الذي يحاول أن يحققه القانون في الدول البرجوازية، فالقانون الاشتراكي، يهدف إلى تنظيم القوى الاقتصادية في المجتمع، وبذلك، فإن خرق القانون في الدول الاشتراكية لا يعني الإضرار بمصلحة فرد أو أكثر كما هو الموقف الذي يتخذه القانون البرجوازي، بل أنه يعني الإضرار بالمجتمع بالكامل، ويؤخر بالنتيجة الوصول إلى مرحلة الشيوعية، فالمشروعية الاشتراكية لها مفهوم أدق، وأكثر آمريه منها في المجتمعات غير الاشتراكية فالأفراد والمسئولين معنيون أكثر باحترام القانون لأنه يمثل المجموع وليس مصلحة الفرد.
كما أن المشروعية الاشتراكية لها صفة مؤقتة، تنبع من كون أن الدولة الاشتراكية في النظرية الشيوعية والقانون كذلك مؤقتان، يضمحلان عند الوصول للشيوعية حيث مرحلة اللاقانون واللادولة. بينما يختلف الوضع كلياً في الدول غير الشيوعية التي تتسم فيها هذه المفاهيم بالثبات والاستقرار.
مصادر المشروعية
إن القانون الذي تخضع له الإدارة، لا يقتصر على القواعد الموضوعة من قبل السلطة التشريعية، ولكنه يشمل جميع قواعد القانون الوضعي، مهما كان مصدرها، وسواء كانت مكتوبة أو غير مكتوبة. وسنعمل على استعراض المصادر التي ذكرناها وعلى النحو الآتي:
أولاً: المصادر المكتوبة
1. الدستور: الدستور هو مجموعة القواعد القانونية التي تثبت نظام الحكم في دولة ما وفقاً لمصالح الطبقات والفئات الاجتماعية السائدة في ضوء فكرة قانونية معينة، وتعتبر القواعد المنصوص عليها في الدستور المصدر الأول من مصادر المشروعية، وهي أسمى القواعد القانونية في الدولة، إذ أنها من حيث أهميتها تأتي على قمة الهرم القانوني في الدولة، ويتوجب أن تتقيد القواعد القانونية الأخرى من حيث الشكل والمضمون، بالقواعد الدستورية، التي تعلو على ما عداها في الدولة، والحقيقة، أن الدستور هو المصدر الرئيس للمشروعية كمصدر مكتوب. حيث تستقي المشروعية منه محتواها الملزم، وقد وضعت معظم دساتير العالم نصاً فيها، يوجب احترام القواعد الدستورية والقانونية في البلاد من قبل الكافة، ويأتي هنا دور المشروعية بالرقابة على عمل المؤسسات الحكومية والأفراد على حدٍ سواء لإبطال ما هو مخالف للقانون، وعلى سبيل المثال، نذكر بعض الأمثلة من تلك النصوص الدستورية في الدساتير العربية:
ورد في الدستور الإماراتي لعام 1971 في المادة (44) منه على أنSadاحترام الدستور والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة تنفيذاً لها ومراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة، واجب على جميع سكان الاتحاد). ونجد كذلك في نص المادة(64) من الدستور المصري لعام 1971 محتوى مشابهاً حيث جاء فيها: (سيادة القانون أساس الحكم في الدولة)، أما نص المادة(65) جاءت مؤكدة لما نصت عليه المادة السابقة: (تخضع الدولة للقانون ...).
أما الدستور السوري لعام 1973، فقد أورد نصاً يؤكد فيه المعنى المتقدم، حيث نجد ذلك في المادة (25)/2 منهSadسيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة).
أما النظام الأساسي في السعودية لعام1992، فنجد أن المادة (6) منه، تلزم المواطنين السعوديين بمبايعة الملك على السمع والطاعة: (يبايع المواطنون الملك على كتاب الله تعالى وسنة رسوله وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره)، يمكننا استشفاف مبدأ المشروعية من هذا النص من خلال البيعة للملك، فبموجبها_ إن عقدت_ يجب على الأفراد الانقياد والطاعة لما يأتيه الملك من تصرفات.
ومن جانبه، فقد نص الدستور العماني لعام 1996 في المادة (40) منهSadاحترام النظام الأساسي للدولة والقوانين والأوامر الصادرة من السلطات العامة تنفيذاً لها ومراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان السلطنة)، واضح جداً أن المشرع العماني قد اقتبس هذا النص من الدستور الاتحادي للإمارات العربية سابق الذكر.
نجد في الدستور المغربي لعام 1996، أن المادة (4) منه نصت على أن: (القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، ويجب على الجميع الامتثال له، وليس للقانون أثر رجعي).
كذلك الدستور السوداني لعام 1998، فقد نص في مادته (35)/1/ج: (احترام الدستور والقانون وتوقير المؤسسات الشرعية والطاعة لها التزاماً بالتكاليف القانونية والمالية والعملية).
وأخيراً، فقد وردت إشارتين بينتين حول ما يخص المشروعية في الدستور العراقي الحالي لعام 2005، أولهما في المادة: (5) منهSadالسيادة للقانون.....)، وثانيها جاءت في المادة(13)، حيث نصت على أن: (أولاً: يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في البلاد، ويكون ملزماً في أنحائه كافة، وبدون استثناء.
ثانياً: لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم، أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه).
2. المعاهدات الدولية: وهي مصدر آخر من مصادر المشروعية في الدولة، وذلك بعد المصادقة عليها وفقاً للأوضاع القانونية، حيث أنها وبعد التصديق تصبح جزءً من القانون الداخلي للدولة، وبالتالي يلتزم بها الأفراد، كما تلتزم بها السلطات العامة في الدولة، ويتوجب النزول على أحكامها، وفي بعض الدول منها فرنسا، تعتبر المعاهدات أعلى مرتبةً من القوانين العادي.
أما جمهورية مصر العربية وكما هو واضح من نصوص الدستور المصري فتعتبرها في مرتبة القوانين العادية، وقد ذهب إلى ذات الاتجاه الدستور العراقي الحالي وذلك في المادة (61).
3. الأحكام القضائية : بعد أن تصدر المحكمة حكمها في شأن النزاع المنظور أمامها، يتمتع هذا الحكم بحجية الشيء المقضي به، بناءً على مواد القانون والإجراءات القانونية الخاصة بالمحكمة، والحكم القضائي بهذا الوصف يتمتع بحجية قانونية، قد تكون هذه الحجية نسبية، أي تتعلق بأطراف الخصومة في الدعوى التي صدر بخصوصها الحكم، وقد تكون حجية الحكم مطلقة يمكن الاحتجاج بها على الكافة.
ثانيا:المصادر غير المكتوبة
بالإضافة إلى المصادر المكتوبة، فللمشروعية مصادر أخرى غير مكتوبة تكمن في العرف، والمبادئ القانونية العامة.
1. العرف: يعد العرف، مصدراً مهماً من مصادر القانون على وجه العموم، وهو من المصادر الرئيسة للقانون الدستوري والإداري على وجه الخصوص.
ويمكن تعريف العرف الدستوري بأنه: (تواتر العمل وفقاً لمسلك معين في أحد الموضوعات الدستورية بحيث يكتسب هذا المسلك صفة الإلزام).
والعرف الإداري، هو ما اعتادت الإدارة على إتباعه من قواعد في ممارسة وظيفتها في موضوع معين، بصدد حالة معينة بالذات، وبالتالي تصبح بمثابة القاعدة القانونية الواجبة الإتباع، ويشترط لاعتبار العرف ملزماً للإدارة أن يتوافر فيه شرطين:
أ‌. أن يكون العرف عاماً وأن تطبقه الإدارة بصفة دائمة ومنتظمة.
ب‌. أن لا يكون العرف الإداري قد نشأ مخالفاً لنص قانوني موجود.
وللإدارة التي ألزمت نفسها بتصرف أو سلوك معين بشكل منتظم وثابت أن تعدل نهائياً عن ذلك السلوك إذا ما اقتضى التطور ذلك، إلا إنه لا يحق للإدارة أن تخالف العرف الساري في حالة فردية بالرغم من استمرارها في تطبيقه على الحالات الأخرى تحت طائلة مخالفة المشروعية.
2. المبادئ القانونية العامة: تمثل هذه المبادئ مجموعة القواعد القانونية التي أستخلصها القضاء من المفاهيم الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية والفكرية المتعددة من المجتمع في بلد معين وزمن معين. وقد عرف الدكتور محمود حافظ هذه المبادئ بأنها القواعد القانونية غير المكتوبة، التي يقررها أو يكتشفها أو يستنبطها القضاء، ويعلنها في أحكامه، فتكتسب قوة إلزامية وتصبح بذلك مصدراً من مصادر المشروعية .
وفيما يتعلق بالقوة القانونية لهذه المبادئ، وأهميتها، بالنسبة، لبقية القواعد القانونية، فإننا نجد مجلس الدولة الفرنسي يعطيها قوة القواعد القانونية الصادرة عن البرلمان، وهي ملزمة للإدارة. على هذا الأساس تستطيع السلطة التشريعية أن تعدل هذه القواعد كما تعدل التشريعات الصادرة منها.
الخـــاتــمــة
بعد كل ما قيل في مبدأ المشروعية، يتبين أن هذا المبدأ له مفهوم متميز عن بعض المفاهيم التي تقترب منه في المعنى، كمفهوم سيادة القانون، والدولة القانونية، والخضوع للقانون، والشرعية. حيث أن لهذا المبدأ معنى فني تطبيقي أكثر من بقية معاني المفاهيم المذكورة أعلاه التي تتسم بالنظرية البحتة.
كما وتبين من خلال البحث أن مفهوم المشروعية في الفكر الشيوعي الاشتراكي يختلف عن مفهوم المشروعية الليبرالية أو البرجوازية، نظراً لاختلاف معنى القانون الاشتراكي عنه في القانون الليبرالي. كذلك يختلف مبدأ المشروعية عن مبدأ الشرعية في أن الأول هو مبدأ قانوني أما الثاني فهو مبدأ سياسي، ثم أن المشروعية لها معناً ثابت مستقر بخلاف الشرعية التي تتسم بالديناميكية من حيث المفهوم.
وكبقية المبادئ، فإن للمشروعية مصادر، قسم منها مكتوب يتلخص بالدستور وما يحويه من نصوص ملزمة للحكام والمحكومين على السواء، والمعاهدات الدولية يمكن هي الأخرى أن تعد مصدراً من مصادر المشروعية، ويختلف مركزها بين القوانين باختلاف موقف دساتير الدول منها، كذلك ما تصدره المحاكم من أحكام وما تكتسبه هذه الأحكام من قوة ملزمة للسلطة التنفيذية في تنفيذها، أما المصادر غير المكتوبة للمشروعية، فتكمن في العرف الدستوري والإداري الذي يعد الملهم لمعظم النصوص القانونية، كذلك المبادئ القانونية العامة التي يستخلصها القضاء من منابع عدة اجتماعية واقتصادية وسياسية.

bahisaid

عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 11/06/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى